السبت، 11 أكتوبر 2014

في تماسينت .. محاولة للتذكر (الجزء الثاني)



في تماسينت .. محاولة للتذكر (الجزء الثاني)


عنوان هذا الجزء : ما بعد الجني .. موسم Aghedjar Nedjoz





كنت في صغري و كما كان الحال عند جميع أبناء منطقتي ننتظر بفارغ الصبر انتهاء موسم جني اللوز ليبدأ موسم آخر محبب إلى قلوبنا و هو ما نطلق عليه بالريفية Aghedjar Nedjoz أي البحث عن ما تبقى من حبات اللوز بعد موسم الجني لكي نأخذه لأنفسنا ، فكنا نجتهد لجمع حبات اللوز بسعادة و جد عكس ما كنا نفعله عندما نقوم بجني اللوز مع العائلة ..
كان والدي يعطينا بضع دقائق بعد نهاية العمل في كل يوم للبحث عن بعض الحبات لأنفسنا كما كان يكافئنا بصاع أو صاعين من اللوز حسب مقدار المحصول الذي جنيناه في يومنا ذاك ، فكان ذكاء منه لتحفيزنا على العمل أكثر إلا أنني كنت ذكيا أكثر فلم أكن أنتظر منه ذلك الصاع .. سأعترف لكم اليوم بجريمة اختلاس كنت أرتكبها باستمرار ، فأثناء انشغال الجميع بالعمل أقوم بحفر حفرة و أملأها باللوز و أضع عليه التراب و أقوم بوضع علامة عليه كحجر كبير أو نبات معين ، و عند انتهائنا من العمل أذهب إلى كنزي الثمين و أقوم باستخراجه فأشعر بنشوة الإنتصار ، لم أكن أخبئ الكثير من اللوز لكي لا أحاسب و يقال لي من أين لك بهذا و كما هو معروف فحلف شمال تماسينت (الوالد) لا يتسامح أبدا في مثل هذه القضايا و يعتبرها خيانة عظمى للثقة التي وضعتها الأمم المتحدة (العائلة) في هذا المواطن البسيط 

على العموم فطريقتي هذه لم يتم اكتشافها رغم كثرة الجواسيس و العملاء في ميداني هذا .. إضافة إلى هذا النوع من البحث عن اللوز كنت بمعية الأصدقاء نقوم بتمشيط جماعي للمنطقة و المناطق المجاورة بحثا عن الكنز ، كانت عملية البحث تستغرق 6 أيام و في اليوم السابع (الأحد) نكون على موعد مع السوق الأسبوعي لبيع اللوز هناك ، فنستيقظ صباحا بعد أن نكون قد أمضينا ليلتنا نفكر في الثمن الذي سنناله مقابل ما جمعناه طوال الأيام الماضية ، و لأن اللوز أنواع فمنه الحلو و المر كنا دائما ما نخلط بينهما و هذا ما كان يخلق لنا المشاكل عند البيع ، فحبة واحدة مُرّة سترد بضاعتنا إلينا فنقوم بتغيير البائع أملا في تغير حظنا و بيع محصولنا المغشوش ..
و بعد البيع لا تكاد الدنيا تسعنا من حجم الفرحة ، فاللوز تجارة مربحة و المقابل نقود تختلف طرق صرفها ، فمرة نشتري بها ألبسة أو نقوم بجمعها و تخزينها إلى أجل غير مسمى ، لكن غالبا ما نصرف معظمها هناك في السوق على الحلوى و المشروبات ، أتذكر أن أكبر مبلغ حصلت عليه كان 120 درهما اشتريت ب 100 درهم منظارا كبيرا لا فائدة منه كسرته في اليوم نفسه و جلست أبكي على جهدي الذي ضاع بدون فائدة ..
لن أنسى أبدا ذكريات ترسم على شفتاي بسمة عريضة عند تذكرها ، فتماسينت و إن أصبح النسيان حكما عليها إلى الأبد فأنا لن أنساها و سأبقى دائما أتذكر أن أجمل أيام حياتي كانت هناك ..
_____________________________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق